عندما يطرق الطبيب بابك..خدمات الزائر الصحي تجربة تطبق لأول مرة في العراقأفرحنا جداً الخبر الذي سمعناه من مدير الصحة العامة في دائرة صحة بغداد/الكرخ، والذي يقول ان خدمة الزائر الصحي ستغطي كل مناطق العراق
وهذا يعني ان طبيبك سيطرق بابك بصدريته البيضاء، دون أن تستدعيه ،حاملاً عدته ووسائل الفحص الحديثة لتعيين حالتك المرضية وتدقيق صحتك بالكامل ،ومن ثم إرشادك الى مراجعة المراكز الصحية لتلقي العلاج فيها، بالاستعانة بالبيانات التي تم تخزينها على الحاسوب عن صحة كل فرد من أفراد أسرتك!.. (لا تستغرب قارئي العزيز) الأمر ليس مزحة، كما انها ليست دعاية انتخابية سرعان ما تخبو ، لكنها خطة جديدة لوزارة الصحة ضمن مشروعها الذي أسمته (الزائر الصحي) بعدما طبقته في عدد من المحافظات الجنوبية تمهيداً لشموله كل أرجاء العراق.
ما هو نظام الإحالة؟
أثناء زيارتي الى دائرة الرعاية الصحية في الكرخ لمعرفة استعداداتهم بشأن موضوع الزائر الصحي عرفت ان مدير الصحة العامة والمعني بالموضوع د.صائب جاسم يترأس ندوة في الطابق الأرضي مع مدراء عدد من المستشفيات، طلبنا الإذن بحضورها بعد ان علمنا إنها مكرسة لمناقشة موضوع (البدء بتطبيق نظام الإحالة الجديد) في عموم المستشفيات، وقد أبدى مدير إعلام الدائرة جرجيس كريم تعاوناً كبيراً معنا لأجل الإحاطة بالموضوع، وخلال الندوة طرحت الكثير من المشاكل التي تعترض عمل مستشفياتنا الحكومية، أبرزها ان بعض المرضى يطلبون العلاج من أمراض عدة يشتكون منها في حين ان حالتهم الصحية المشخصة لا تستوجب ذلك وهذا يعطل عملية تلقي العلاج لمن هو في حاجة اليه، إضافة الى الحاجة لبعض الاختصاصات الطبية وغيرها من أحاديث تصب في جانب تطوير أداء عمل المستشفيات الحكومية، واستطعنا ان نلتقي الدكتور صائب في نهاية الندوة الذي بادر بالحديث عن موضوع الندوة (نظام الإحالة الجديد) الذي عرفه على انه تنسيق العمل بين مستويات الرعاية الصحية، اذ ان هناك رعاية صحية أولية متمثلة بعمل المراكز الصحية ،مثل اللقاحات ورعاية الحوامل والأمراض الانتقالية وبرامج الرعاية الصحية الأخرى، والتي تهدف الى منع حدوث المرض وهناك مستوى ثان من أنماط الرعاية وتسمى الرعاية الثانوية للتخفيف من شدة المرض بعد حدوثه وذلك يكون في المستشفيات العامة، والهدف الأكبر من المشروع هو تقليل الزحام على المستشفيات العامة وإمكانية تفرغ الطبيب الأخصائي والاستشاري للحالات التي تستوجب العلاج في هكذا مؤسسات، وأضاف قائلاً: سيطبق النظام على كل المراكز الصحية في الكرخ بدءُ من 1/11، وقد تم عقد الكثير من الاجتماعات بين مدراء المستشفيات والقطاعات لغرض بحث كافة المعوقات التي تعترض تطبيق المشروع، ووضع الحلول المناسبة لها.
* هل هذا يعني ان الطبيب سيرفض معاينة المريض الذي يزوره في المستشفى وهو يتألم طالباً منه ان يجلب ورقة إحالة من المركز الصحي؟
- حتماً لا، لان المواطن من حقه تلقي العلاج اذا كان داخل مؤسسة صحية، كما ان التجربة جديدة ، و نسعى الى إعلام المواطنين بضرورة مراجعة المراكز الصحية والعيادات الشعبية في مناطق سكناهم اولاً وكذلك الحالات الطارئة التي تستوجب الدخول الى ردهة الطوارئ، وسنقوم بحملات إعلامية واسعة لتوعية المواطنين بذلك عبر إعلانات تثبت في مداخل المستشفيات الحكومية وبين ضرورة مراجعة المراكز الصحية أولا، وسيكون من حصة جريدتكم الغراء ان تكون السباقة في الإعلان عن هذا الموضوع، ونسيت ان اذكر شيئاً مهماً وهو، ان نظام الإحالة سيوفر خدمة (التغذية الاسترجاعية) لصالح المريض لتشخيص حالته بشكل أفضل، وهذا يعني ان الطبيب الأخصائي بالمستشفى سيخاطب المركز الصحي بعد معاينة المريض ويحدد له التشخيص النهائي لغرض متابعة حالته بعد ذلك بشكل صحيح، وهو بمثابة تدريب للطبيب الممارس في المراكز الصحية، ورقابة على دقة تشخيصه لتطوير عمله، علما انه تمت إقامة الكثير من الدورات للأطباء والكوادر الإدارية والفنية في تلك المراكز حول كيفية استقبال الحالة المرضية المحالة والإجراءات الواجب اتخاذها.
اقتصادية المشروع
وعن الجدوى الاقتصادية للمشروع، سواء للمريض او الدوائر الصحية قال:جدوى تطبيق النظام ستكون لصالح المريض أولاً، اذ ان حالته المرضية سيتم تشخيصها في منطقة سكناه او اقرب مركز صحي، دون الحاجة الى مراجعة المستشفيات، وبالتالي التقليل من مصروفات النقل وأجور الفحوصات المختبرية التخصصية وكذلك تخفيف العبء على الأطباء، كما أسلفنا، للاهتمام بالحالات المرضية الصعبة.وحول موضوع إمكانية ان تكون المراكز الصحية بمستوى اداء المستشفيات العامة، قال لنا الدكتور صائب :ان ذلك تفكير غير صحيح فمعظم المراكز الصحية أخذت حصتها من العناية والتطوير، بشكل يضاهي المستشفيات أيضاً، ونحن مستعدون لاستقبال شكاوى الناس في حالة وجود أي تقصير في أداء تلك المراكز.
فرق خاصة للإحصاء
وعندما انهينا موضوع الإحالة، كان لابد لي ان أحيل محدثي الدكتور صائب الى الموضوع الأهم في زيارتي وهو موضوع (الزائر الصحي) والذي قال عنه: نظام الزائر الصحي هو نظام جديد يطبق في العراق لأول مرة، وقد بدأنا بقطاع الرشيد والذي يشمل مناطق البياع والإعلام وحي العامل والشرطة الرابعة والخامسة والسيدية وبقية المناطق التابعة للقطاع، وفحواه هو إجراء مسح لكل العوائل التابعة للمنطقة بواسطة فرق ميدانية متخصصة بالإحصاء وتسجيل اعمار أفراد العائلة وفحص حالتهم الصحية، من ناحية مستويات ضغط الدم والسكر وغيرها، وتثبيتها على الحاسوب ضمن قوائم تحمل اسم رب العائلة، وقد تم تخصيص طبيب وممرض لزيارة عدد محدد من العوائل بشكل دوري، وهم مزودون بحقيبة فيها كل المستلزمات التشخيصية وحتى اللقاحات في الحملات التي تقيمها وزارة الصحة، وستثبت مواعيد مراجعات الحالات المرضية للمريض لإعلامه بها سلفاً، مثل موعد لقاح احد أولاده، وسنعمد الى الاتصال برب العائلة لإعلامه بالموعد في حالة نسيان المراجعة، ومن مهام الزائر الصحي أيضاً الاطلاع على الوضع البيئي في المنطقة التي يزورها، والإيعاز للجهات المعنية باتخاذ اللازم في حالة وجود التخسفات في المجاري او شحة مياه او انتشار فيروس معين او أية إصابات وبائية وغيرها، وقد عمدنا الى إجراء إحصاءات للسكان من نواح عدة لمتابعة نجاح هذا المشروع وتحديد الحاجة الى الأدوية واللقاحات وغيرها.
8300 بطاقة زائر
المركز الصحي في منطقة السيدية، هو المركز الثاني الذي أنهى عمليات المسح السكاني للعوائل بعد منطقة حي الإعلام المجاورة، تمهيداً لإصدار بطاقات الزائر الصحي، وقد بلغ عدد البطاقات الموزعة فيه 8 الاف و300 عائلة،هو مجموع العوائل التي تقطن المنطقة، كما اخبرنا د.مهند فاضل الصراف مدير المركز الصحي وكالة، خلال زيارتنا له للتعرف على اهم ملامح تنفيذ هذا المشروع.
وأضاف: بهدف تقديم الخدمات الصحية والعلاجية لكل مواطن مجاناً وداخل بيوتهم، شرعنا بتطبيق مشروع الزائر الصحي، وهو الآن في طور مراحله النهائية، اذ تم إجراء مسح لكل ساكني المنطقة وفق استمارات معدة سابقاً تتضمن معلومات عن الأسرة والأمراض المزمنة التي تعاني منها، واعمارهم لتدخل بعدها ضمن قاعدة بيانات منظمة لأجل استصدار بطاقة صحية لكل عائلة، لمتابعة حالتهم الصحية وصرف العلاج المناسب مجاناً، وتسجل معلومات عن حالة كل مريض لأجل المتابعة فيما بعد، وهو جزء من مشروع إنشاء تخصص طب الأسرة في الدراسة المنهجية وهدفه تخريج أطباء لكل الاختصاصات العامة.
زاهد علي حسين منسق البرنامج قال:وزعنا البطاقات في جولات ميدانية، لم نستثن فيها احداً، وقد أكملنا مرحلة التوزيع ونعد الآن قاعدة البيانات التي تخص أفراد العائلة، والأمراض التي يعانون منها، تمهيداً للبدء بالمشروع، وبعد انجاز هذا المشروع سيكون حامل البطاقة الصحية وحده المشمول بمراجعة المراكز الصحية وتلقي العلاج فيها، ومن ليست لديه بطاقة صحية لا يحق له مراجعة المركز.
وهيأنا فرقاً صحية للقيام بزيارات ميدانية للعوائل في بيوتها وهي تحمل معها الأجهزة الحديثة لإجراء الفحص الكامل لجميع أفراد العائلة،وتثبيت الحالات المرضية، ومتابعتها فيما بعد، وضمن زيارات منظمة ودورية.
ودعت محدثي وخرجت من المركز الصحي وانا احلم بطرقات الطبيب على بابي يوماً وهو يسألني مم تشكين؟ وهل ينقصك الدواء؟
المصدر
موقع الحقيقة في العراق
الرابط من
هنا